شقة العمر، حلم راود السوريين من ذوي الدخل المحدود بامتلاكها وعيش غبطة إيجاد مسكن يؤمن لهم شروط الحياة الكريمة بعيداً عن قوانين الإيجار ورحمته التي اضطروا أخيراً إلى معايشتها وتقبلها، ولاسيما بعد تحطم آمالهم بين مطرقة غلاء أسعار العقارات وسندان إنخفاض الأجور، فبات حلمهم مستحيلاً يصعب نيله، تاركين فرحة تحقيقه لأصحاب النفوذ والطبقات الغنية المستفيد الفعلي من معادلة سوق العقارات السوري الملتهب.
قطاع العقارات الذهبي
على الرغم من ظهور العديد من المشاريع الاقتصادية الناجحة في سورية إلا أن قطاع العقارات تصدر قائمة هذه المشاريع متمكناً من المحافظة على بريق عصره الذهبي، فهو يشهد على الدوام ارتفاع مستمر في أسعار الشقق السكنية والأبنية التجارية في كافة المدن السورية بما فيها مناطق السكن العشوائي، ويرجع ذلك إلى أسباب عدة من أهمها قيام مالكي البيوت والمحلات باستثمارها عن طريق التأجير وغلاء مواد البناء وازدياد النمو السكاني السريع، إضافة إلى دخول الآلاف من العراقيين إلى البلاد خلال السنوات الفائتة، ما أدى إلى زيادة حركة العرض والطلب في سوق العقارات وبالتالي زيادة أسعارها أضعاف سعرها الحقيقي، متسبب ذلك في حرمان شريحة من المجتمع السوري من حقها في الحصول سكن مناسب لها، فتعالت أصواتها مطالبة الجهات المعنية في إيجاد حلاً لهذه الأزمة، لكن محاولات هذه الأخيرة بقيت حبراً على ورق، ولم تتمكن من إيجاد أو تنفيذ السياسة الملائمة في تأمين السكن الصحي للمواطنين لاسيما أصحاب الدخل المحدود الذين وجدوا ضآلتهم المنشودة في الجمعيات السكنية التي تحولت هي الأخرى إلى وسيلة للمتاجرة بأحلامهم وآمالهم وبقائهم في حالة من الترقب والانتظار، انتظار حول حياتهم إلى جحيم لا يطاق، فمن المسؤول عن سرقة أحلام هؤلاء المواطنين في امتلاك بيت ولو صغرت مساحته.
الجمعيات السكنية حلم المواطنين الضائع
كثرت في الأونة الأخيرة ظاهرة ابتعاد الجمعيات السكنية عن الهدف الذي أنشئت من أجله كونها تعمل على مبدأ ساري المفعول مع وقف التنفيذ، مستغلة حاجة المواطنين الماسة إلى تأمين سكن مريح يبعدهم عن تحكم المستأجر ورحلة البحث عن بيت يتناسب مع الدخل المادي القليل، حيث قامت هذه الجمعيات البالغ عددها 3115 وفقاً لأحصائية عام 2009، بالعديد من المخالفات والتجاوزات، متسببة في زيادة معاناتهم بدلاً من مساعدتهم، على حد تعبير شيرين موظفة في القطاع العام التي تحدثت عن تجربتها المريرة وحلمها الذي تحول إلى كابوس آثر على حياتها سلباً قائلة "حينما وضعت جميع أموالي لقاء التسجيل في إحدى الجمعيات السكنية كان الاتفاق على موعد الاستلام بعد ثلاث سنوات أو أربع سنوات كحد أقصى، ولكن القائمين عليها استمروا في مماطلتي حتى وصلت المدة إلى ضعف المدة المحددة، طبعاً لم اعترض وخاصة بعد إنقضاء هذه المدة الطويلة، فالمهم عندي النتيجة، بيد إني فوجئت مفاجأة كبيرة عند تسليم الشقق، فشقتي كانت الشقة الاسوأ على الإطلاق علماً أني قمت بسداد جميع المبالغ المترتبة علي، وعندي السؤال والتحري عن هذا الإجراء المجحف بحقي تبين أن صاحب الجمعية قام بأخذ أفضل الشقق، ووزعها على أقربائه ومعارفه، فأين الإنصاف في ذلك؟"، التجربة ذاتها عاشها خالد سعد الذي تحدث بمرارة وحزن يعتريه غضب على أعضاء مجلس إدارة الجمعية التي انتسب إليها، فيقول " لقد دفعت منذ انتسابي إلى هذه الجمعية أكثر من مليون ليرة بينما دفع أقرباء أعضاء مجلس الإدارة مبالغ قليلة جداً، ولكن عند تسليم الشقق قام هؤلاء بأخذ الشقق المميزة بينما خرجت أنا بخفي حني، ويتابع حديثه متسائلاً، هل من المعقول أن تتحول هذه الجمعيات إلى أرث عائلي يطبق المقولة الشعبية "الأقربون أولى بالمعروف" مرجعاً سبب ذلك إلى تربع أعضاء مجلس إدارة على عرش الجمعية لسنوات طويلة، باعتبار أن الاتحاد العام التعاوني لم يضع سقف زمني لمجالس إدارة الجمعيات السكنية.
سرعة تنفيذ سلحفاتية
يعتبر البطئ في التنفيذ أحد أهم المعوقات التي تعترض عمل الجمعيات السكنية، حيث يستغرق بناء أغلبها بين خمسة عشر سنة أو عشرين سنة قد تزيد أو تنقص حسب التسهيلات المقدمة وسعة صدر القائمين على تنفيذها، بإستثناء بعض الجمعيات التي التزمت فعلاً بالعهود التي قطعتها على نفسها محافظة على سمعتها ومصداقيتها، وهنا تصل المدة إلى سنتين أو ثلاثة.
وعن هذا المعوق الذي وقف حاجزاً منيعاً أمام حصول الآلاف من المواطنيين على مساكنهم يتحدث محمد نصر عن رحلته التعيسة مع الجمعيات السكنية قائلاً، "سجل والدي على شقة في إحدى الجمعيات منذ ثلاثة عقود، وبعد انتظار طويل أصبح الحلم حقيقة، ولأن القائمين على إدارة الجمعيات حريصون على مفاجآتنا بكل جديد، فأجانا رئيس الجمعية بعد أقساط دامت أكثر من 30 عاماً إنه لا زال يتوجب علينا دفع أقساط شهرية تقدر قيمتها بـ 3200 ليرة سورية حتى تاريخ 2015، مخلاً بالاتفاق الموقع معنا قبل الانتساب إلى الجمعية.
أما سهى فتقول عن انتسابها لأحد الجمعيات أملاً في الحصول على بيت صغير يحتضنها وأولادها بعيداً عن الإيجار في بيوت العشوائيات الغير صالحة للسكن أصلاً، "أن الجمعيات أصبحت حملاً ثقيلاً على المواطن الموظف في ظل غياب التنظيم والمراقبة"، مظهرة حنقها على بطئ عمليات تنفيذ بناء الجمعيات التي كان يروج لها عبر وسائل الإعلام بطريقة ملفتة للنظر تستحوذ على اهتمام الموظفين البسطاء الذين وجدوا فيه وسيلة مثلى للحصول على مبتغاهم، فهي تدرك تماماً إنها تضرب على وتر حساس جداً مستغلة حاجتنا الماسة للسكن، ولكن ما أن يتم الاكتتاب لديها، حتى تجدها تهزأ بمطلباتنا، مضيفة "أن هذه الجميعات ترتكب العديد من الأخطاء والتجاوزات التي تنتهي غالباً بفضيحة قانونية من قلة العمل وسوء الإدارة"، متسائلة في ختام حديثها من هو المستفيد من وراء هذا التأخير الذي استهلكنا نفسياً ومادياً؟.
معاناة هؤلاء تشبه معاناة حوالي 800 ألف مكتتب مكتتبين لدى الجمعيات السكنية التي أصبحت بحاجة إلى عملية تغيير شاملة للخروج من أزمتها.
الجمعيات السكنية في مهب الريح
تعاني الجمعيات السكنية من خلل واضح في آلية تنظيمها وعملها، ما أثر سلباً على ثقة المواطنين بها، فهي أما متوقفة عن العمل أو متأخرة في تنفيذ مهامها وواجباتها اتجاه المواطن والجهات المسؤولة عنها، أو اتجهت إتجاه لا إنسانياً، فكانت مجرد جمعيات وهمية جامعة للأموال مستغلة حاجة شريحة واسعة من الناس للسكن، وقد أرجعت السيدة هيام يونس مسؤولة الشوؤن القانونية في مديرية التعاون السكني السبب في تردي حال الجمعيات السكنية إلى عدم توافر الأرض والقرض قائلة " لكي تستطيع الجمعيات السكنية النهوض بمسؤوليتها لا بد من توافر شرطين هامين هما، الأرض والقرض، اللذان يشكلان عماد نجاح الجمعيات السكنية، فتأمين الأرض ضمن المخططات التنظيمية مثلاً يحتاج إلى دراسة عميقة ومطولة يدرس فيها وضعها وصلاحيتها للبناء وتوفير البنية التحتية المناسبة لها، وطبعاً هذا يحتاج إلى وقت طويل يعيق عمل الجمعيات ويؤخر تنفيذها"، مؤكدة في سياق حديثها "أن قطاع التعاون السكني فشل حتى الساعة في إيجاد حلول عملية لمشاكل الجمعيات السكنية التي أصبحت عبئاً ثقيلاً على المواطن السوري الذي يعد الشخص الوحيد المؤهل للحديث عن واقع الجمعيات السكنية، فهو سيتكلم بمصداقية كونه عاش المعاناة واختبرها بكل تفاصيلها"
ولدى سؤالنا عن ماهية عمل الجمعيات السكنية حدثنا السيد عبد الله الحسن موظف في مديرية التعاون السكني قائلاً " إنه يحق لأي مواطن المساهمة في تأسيس جمعية سكنية التي تحتاج عملياً إلى خمسة وأربعين عضو للموافقة عليها، بعد ذلك يقدم الطلب إلى المحافظة ثم إلى الاتحاد العام التعاوني عقب موافقة المكتب التنفيذي على الترخيص وإيداعه إلى وزارة الإسكان والتعمير لإصدار قرار الترخيص أصولاً، مضيفاً" أن الأعضاء المؤسسين هم من يقوم بانتخاب مجلس إدارة الجمعية بعد أخذ الآذن بالترخيص".
ورغبة منا في معرفة حقيقة هذه الجمعيات ومشاكلها حاولنا لقاء المسؤولون عن تنظيمها ومراقبتها ممثلة بالاتحاد العام السكني ومديريته، إلا إنهم ومنذ البداية رفضوا مد يد العون لنا في الحصول على المعلومات اللازمة، متناسين دور السلطة الرابعة في معالجة القضايا التي تهم المواطن وتشغل باله، فقد قام كلاً من السيد زياد سكري رئيس الاتحاد وموفق قعيري رئيس مديرية التعاون السكني بوضع العراقيل أمام هدفنا الإنساني التوعوي، حيث عمد الأول بعد العديد من الاتصالات والمقابلات مع سكرتيرته إلى إعلامنا إنه في مهمة سفر طويلة، بينما أصر الأخير بعد محادثته هاتفياً وشخصياً على ضرروة إتباع الإجراءات الروتينة قبل التحدث إليه، إذ توجب علينا إرسال الأسئلة الصحفية الموجهة إليه عن طريق المكتب الصحفي في وزارة الإسكان والتعمير الذي أخبرنا أن الإجابة على هذه الأسئلة تأخذ وقتاً طويلاً جداً، وهنا كان لابد من الوقوف لبرهة والتساؤل عن سبب امتنع هؤلاء المسؤولون عن لقاء لن يأخذ من وقتهم الثمين سوى دقائق قليلة غايتها إلقاء الضوء على الجمعيات وتوعية المواطنين حول ماهيتها وواقعها الذي بات معروفاً لأغلبية لشرائح المجتمع.
الفساد ينتهك جسد الجمعيات السكنية
لم تمنع غاية الجمعيات السكنية الإنسانية والاجتماعية، القائمين على إدارة هذه الجمعيات وتاجر العقارات وأصحاب الأموال من الاستفادة منها مادياً وزيادة ثرواتهم على حساب البسطاء الذي يعيشون على أمل امتلاك بيت ضمن هذه الجمعيات التي أصبحت مرتعاً للفساد بأشكاله المختلفة والمتفقة على هدف واحد وهو الربح المادي مهما كانت النتائج، وتظهر هذه الأساليب واضحة في تغيير تواريخ الدفعات المالية للأعضاء المكتتبين وعدم إيداعها في المصرف في التاريخ نفسه، والتلاعب في أسعار مواد البناء أو زيادة قيمتها والفروق الواضحة بين الكشف التقديري والعقود المبرمة كجمعية(الـ، ث) في حلب، فمثلاً يجب إلا تتعدى تكلفة متر البناء السكني العادي حسب الدراسات العلمية 5-6 آلاف ليرة سورية في حين يصل تكلفة المتر في هذه الجمعيات من 7-8 آلاف ليرة سورية، علاوة على ذلك يفرض عليه دفع مبالغ إضافية قبل استلام البيت تحت مسمى نفقات إضافية تقدرها إدارة الجمعية، وللتغطية ذلك يتم التواطؤ بين بعض رؤساء الجمعيات مع المتعهدين المسؤولين على تنفيذ المشاريع من أجل تنظيم الفواتير وتطابقها مع أقوالهم .
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد فقد بدأت هذه الجميعات تتعامل مع مكتتبيها معاملة التجار وسماسرة عقارات، حيث يقوم أعضاء إدارة الجمعية ببيع البيت أعلى من التكلفة الإجمالية، كما يباع البيت أكثر من مرة لأكثر من مشترك مخالفين بذلك قانون ونظام الجمعية التي تجري انتهاكه بطرق مختلفة منها تجاوز القائمين على إدارة الجمعيات لصلاحياتهم المنصوص عليها في النظام الداخلي، حيث يتم استبدال أسماء بأسماء أخرى لصالح مقربين وأصحاب نفوذ كجمعية (ال، م، ن)، إضافة إلى قيام بعضهم باختلاس أموال طائلة من أموال المكتتبين محولين حلمهم إلى كابوس حقيقي كجمعية(الـ،م).
وعن هذه المخالفات يقول السيد عبد الله حسن" تم إغلاق عدد من الجمعيات المخالفة، نتيجة إرتكابها تجاوزات كثيرة أثرت سلباً على المواطنين المكتتبين لديها، بينما تم إيقاف البعض منها عن العمل ريثما يتم التأكد من صحة الشكوى المقدمة ضدها، حيث يتم تشكيل لجنة للتحقيق في المخالفة الحاصلة، وعند ثبوتها يحال مجلس إدارة الجمعية إلى هئية الرقابة التفتيش التي توافي الاتحاد العام التعاوني السكني بنتائج التحقيق، ويتم تنفيذ المقترحات المقدمة من قبل الهيئة، من حل مجلس الإدارة وإحالة إلى القضاء المختص وتطبيق أحكام القانون رقم 17 الذي نص في مضمونه على عقوبات صارمة بحق المخالفين، من أهمها إسقاط عضوية وحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة وغيرها من العقوبات الهادفة إلى حماية العضو المنتسب وحقوقه.
الروتين..... سبب أخر لواقعها المتردي
أكد بعض رؤساء الجميعات حصول مخالفات وانتهاكات في إدارة الجمعيات السكنية، بينما اعترض أخرون على ذلك ملقين سبب تعثرها في ملعب الحكومة، حيث أكد أحدهم، أن أكبر المعوقات التي تعترض عمل الجمعيات السكنية هي الإجراءات الروتينية في دوائر الدولة التي تستلزم موافقة أكثر من 15 جهة حكومية مشيراً إلى أن الدول المتطورة تبني مدنها في غضون سنوات في حين لا تزال تعيقنا أمور صغيرة يفترض إلا تكون موجودة أصلاً مطالباً المسؤولين منح التراخيص تحقيقاً لشعار الاتحاد التعاون السكني" تأمين مسكن لكل مواطن واجب وطني" بينما ذهب رئيس جمعية أخرى في اتجاه مختلف مؤكداً أن معاناة الجمعيات تنبثق من سوء الفهم والتطبيق للقوانين الصادرة من قبل وزارتي الإدارة المحلية والإسكان وذلك سببه التأخر في صدور التعليمات التنفيذية التفصيلية مما يؤدي إلى تفسيرات مخالفة للقانون وبالتالي الوقوع في إشكالات تؤثر على عمل الجمعيات وإنجاز مشاريعها، مبيناً أن المواطن على حق في جميع شكاويه ولا سيما في موضوع تأخر إنجاز بناء الجمعيات مرجعاً ذلك إلى تأخر شراء الأرض التي لم توزع منذ حوالي ربع قرن، فهل من المعقول أن نتتظر في كل مرة عشرين عاماً لنخصص بمقسم أو مقسمين على أحسن تقدير"
تدخل حكومي خجول
قامت الحكومة السورية ممثلة بوزارة الإسكان والتعمير بإيقاف العشرات من الجمعيات السكنية عن متابعة عملها نتيجة المخالفات والفساد وعمليات النصب والاحتيال وغيرها من انتهاكات الكثيرة التي أثبتت صحتها العديد من التحقيقات، ولضمان عدم تكرار ذلك صدر قرار يتضمن إحداث مديريات للتعاون السكني في المحافظات السورية كافة تتولى الرقابة والإشراف على أعمال قطاع التعاون السكني في كل محافظة ودراسة الشكاوى المقدمة من الأعضاء المشتركين في الجمعيات السكنية ورفع نتائجها إلى إدارة التعاون السكني في الوزارة التي أصدرت قراراً أخر ينص على وقف منح التراخيص للجميعات السكنية في مدن مراكز المحافظات حتى إشعار أخر.
وكانت الحكومة قد وجهت في وقت سابق جميع وسائل الإعلام بعدم نشر أي إعلان لنشاط جمعيات سكنية وبيعها من قبل القطاع الخاص إلا بعد حصولها على موافقة وزارة الإدارة المحلية وزارة الإسكان مع ضرورة حصول الشركات على التراخيص اللازمة لبناء المساكن بشكل أصولي ووفقاً للقوانين والإنظمة النافذة لدى الجهات المعنية، داعية المواطنين إلى التأكد والتحقق من الجمعية قبل إيداع أموالهم لديها، كيلا يقعوا ضحية جشع البعض، فهم أيضاً في موقع مسؤولية اتجاه ما يتخدوه من قرارات، فكما يقال القانون لا يحمي المغفلين.
القانون رقم 17 والآمال المنعقدة عليه
بعد طول انتظار صدر القانون رقم 17 في عام 2007 القاضي بتنظيم أحكام التعاون السكني، مشكلاً صدوره أهمية كبيرة خاصة بعد أن وصل التعاون السكني إلى طريق مسدودة وواجه عقبات كثيرة حالت دون تحقيقه أهدافه المرسومة في تأمين السكن وتمليكه للأعضاء بسعر التكلفة.
وعن أهميته هذا القانون يتحدث السيد عبد الله حسن قائلاً" أن صدور هذا القانون يعد نقطة تحول هامة في تاريخ قطاع التعاون السكني، حيث ساهم في إيجاد حل لمشكلة الأرض التي لم توزع منذ حوالي ربع قرن، حيث أكد السيد حسن في معبر حديثه "إنه تم توزيع مابين 400- 500 مقسم في حلب، على أن يتم تطبيق هذا الإجراء في المحافظات الأخرى قريباً، الأمر الذي سيعيد الحياة إلى الاتحاد عموماً والجمعيات خصوصاً".
وتضمن القانون في بنوده تمديد تسديد القروض إلى 25 سنة على أقساط مريحة وإحداث صندوق خاص لإقراض الجمعيات الراغبة بالاشتراك فيه، والسماح للمغتربين السوريين بتأسيس جمعيات سكنية واصطيافية، وتقديم تسهيلات هامة لهم لتشجيع ارتباطهم بوطنهم. وركز القانون في مضمونه على تطبيق الرقابة الشاملة على الجمعيات إضافة إلى الرقابة من قبل الوزارة منعاً للتجاوزات وخرق القوانين والأنظمة.
أنعش صدور هذا القانون الآمال عند الأعضاء التعاونين بإعادة الحياة إلى قطاع التعاون السكني الذي عاش حالة ثبات عميقة خلال السنوات القليلة الماضية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل يستطيع القانون 17 فعلاً النهوض بواقع هذا القطاع والارتقاء به وخاصة بعد تأخر صدور تعليماته التنفيذية قرابة العامين، أم لا بد من إتخاذ خطوات وإجراءات أخرى من قبل القائمين عليه والهئيات والجهات العامة التابع لها؟.
وختاماً نؤكد أن الجمعيات السكنية تعد الفرصة الوحيدة لذوي الدخل المحدود للحصول على مسكن مناسب، لذا يتوجب عليهم قبل تسديد أي مبالغ مالية التأكد من ملكية الجمعية للأرض المخصصة للبناء وعدم وجود إشارة حجز عليها، منعاً لوقوعهم في إشكاليات تزيد من معاناة هذا الفئة التي ناشدت الجهات المسؤولة عن هذه المشاريع الاجتماعية الإنسانية الهامة إعادة النظر في آلية عملها وإيجاد حلول سريعة لمعالجتها، أملاً في إعادة البهجة إلى حياتهم وإمكانية الحلم مجدداً.